فصل: من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وَتِلْكَ الأيام نُدَاوِلُهَا بَيْنَ الناس}:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الفخر:

واعلم أن هذا من تمام قوله: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ} [آل عمران: 139] فبين تعالى أن الذي يصيبهم من القرح لا يجب أن يزيل جدهم واجتهادهم في جهاد العدو، وذلك لأنه كما أصابهم ذلك فقد أصاب عدوهم مثله قبل ذلك، فاذا كانوا مع باطلهم، وسوء عاقبتهم لم يفتروا لأجل ذلك في الحرب، فبأن لا يلحقكم الفتور مع حسن العاقبة والتمسك بالحق أولى. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الماوردي:

الفرق بيت المس واللمس فهو أن اللمس مباشرة بإحساس، والمس مباشرة بغير إحساس. اهـ.

.قال الفخر:

قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم {قُرْحٌ} بضم القاف وكذلك قوله: {مِن بَعْدِ مَا أصابهم القرح} [آل عمران: 172] والباقون بفتح القاف فيهما واختلفوا على وجوه:
فالأول: معناهما واحد، وهما لغتان: كالجهد والجهد، والوجد والوجد، والضعف والضعف.
والثاني: أن الفتح لغة تهامة والحجاز والضم لغة نجد.
والثالث: أنه بالفتح مصدر وبالضم اسم.
والرابع: وهو قول الفرّاء أنه بالفتح الجراحة بعينها وبالضم ألم الجراحة.
والخامس: قال ابن مقسم: هما لغتان إلا أن المفتوحة توهم أنها جمع قرحة. اهـ.

.قال الطبري:

وأولى القراءتين بالصواب قراءة من قرأ: {إن يمسسكم قَرح فقد مس القوم قَرْح مثله}، بفتح القاف في الحرفين، لإجماع أهل التأويل على أن معناه: القتل والجراح، فذلك يدل على أن القراءة هي الفتح.
وكان بعض أهل العربية يزعُمُ أن القَرح والقُرح لغتان بمعنى واحد. والمعروف عند أهل العلم بكلام العرب ما قلنا. اهـ.

.قال ابن عطية:

هذه القراءات لا يظن إلا أنها مروية عن النبي عليه السلام: وبجميعها عارض جبريل عليه السلام مع طول السنين توسعة على هذه الأمة، وتكملة للسبعة الأحرف حسب ما بيناه في صدر هذا التعليق، وعلى هذا لا يقال: هذه أولى من جهة نزول القرآن بها، وإن رجحت قراءة فبوجه غير وجه النزول، قال أبو الحسن الأخفش: القَرح والقُرح مصدران بمعنى واحد، ومن قال القَرح بالفتح الجراحات بأعيانها، والقُرح بضم القاف ألم الجراحات قبل منه إذا أتى برواية، لأن هذا مما لا يعلم بقياس، وقال بهذا التفسير الطبري، وقرأ الأعمش {إن تمسسكم}: بالتاء من فوق، {قروح} بالجمع، {فقد مس القوم قرح مثله}، وقرأ محمد بن السميفع اليماني {قَرَح} بفتح القاف والراء، قال أبو الفتح: هي لغة في القرح كالشل والشلل والطرد والطرد. هذا مذهب البصريين، وليس هذا عندهم من تأثير حرف الحلق، وأنا أميل في هذا إلى قول أصحابنا البغداديين، في أن لحرف الحلق في مثل هذا أثرًا معتمدًا، وقد سمعت بعض بني عقيل يقول: نحوه بفتح الحاء، يريد نحوه، ولو كانت الكلمة مبنية على فتح الحاء لأعلت الواو وكعصاة وفتاة، وسمعت غيره يقول: أنا محموم بفتح الحاء قال ابن جني: ولا قرابة بيني وبين البصريين ولكنها بيني وبين الحق، والحمد الله. اهـ.

.قال الفخر:

في الآية قولان:
أحدهما: إن يمسسكم قرح يوم أحد فقد مسهم يوم بدر، وهو كقوله تعالى: {أَوَ لَمَّا أصابتكم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أنى هذا} [آل عمران: 165].
والثاني: أن الكفار قد نالهم يوم أحد مثل ما نالكم من الجرح والقتل، لأنه قتل منهم نيف وعشرون رجلا، وقتل صاحب لوائهم والجراحات كثرت فيهم وعقر عامة خيلهم بالنبل، وقد كانت الهزيمة عليهم في أول النهار. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ القوم قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الايام نُدَاوِلُهَا بَيْنَ الناس}.
تسلية عمَّا أصاب المسلمين يوم أُحُد من الهزيمة بأن ذلك غير عجيب في الحرب، إذ لا يخلو جيش من أن يغلب في بعض مواقع الحرب، وقد سبق أنّ العدوّ غُلب.
والمسّ هنا الإصابة كقوله في سورة [البقرة: 214] {مستهم البأساء والضراء} والقَرح بفتح القاف في لغة قريش الجرح، وبضمِّها في لغة غيرهم، وقرأه الجمهور: بفتح القاف، وقرأه حمزة والكسائي، وأبو بكر عن عاصم، وخلف: بضمّ القاف، وهو هنا مستعمل في غير حقيقته، بل هو استعارة للهزيمة الَّتي أصابتهم، فإنّ الهزيمة تشبّه بالثلمة وبالانكسار، فشبّهت هنا بالقرح حين يصيب الجسد، ولا يصحّ أن يراد به الحقيقة لأنّ الجراح الَّتي تصيب الجيش لا يعبأ بها إذا كان معها النصر، فلا شكّ أنّ التسلية وقعت عمّا أصابهم من الهزيمة.
والقوم هم مشركو مكة ومن معهم.
والمعنى إن هُزِمتم يوم أُحُد فقد هزم المشركون يوم بدر وكنتم كفافًا.
ولذلك أعقبه بقوله: {وتلك الأيام نداولها بين الناس}.
والتَّعبير عمَّا أصاب المسلمين بصيغة المضارع في {يمسسكم} لقُربه من زمن الحال، وعمّا أصاب المشركين بصيغة الماضِي لبعده لأنَّه حصل يوم بدر.
فقوله: {فقد مس القوم قرح} ليس هو جواب الشرط في المعنى ولكنّه دليل عليه أغنى عنه على طريقة الإيجاز، والمعنى: إن يمسكم قرح فلا تحْزنوا أو فلا تهنوا وهَنًا بالشكّ في وعد الله بنصر دينه إذ قد مسّ القومَ قرح مثله فلم تكونوا مهزومين ولكنّكم كنتم كفافًا، وذلك بالنِّسبة لقلّة المؤمنين نصر مبين.
وهذه المقابلة بما أصاب العدوّ يوم بدر تعيِّن أن يكون الكلام تسلية وليس إعلامًا بالعقوبة كما قاله جمع من المفسّرين.
وقد سأل هرقل أبا سفيان: كيف كان قتالكم له قال الحرب بيننا سِجَال يَنَالُ مِنَّا وننال منه، فقال هرقل: وكذلك الرسل تبتلَى وتكون لهم العاقبة. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وَتِلْكَ الأيام نُدَاوِلُهَا بَيْنَ الناس}:

.قال الفخر:

قال القفال: المداولة نقل الشيء من واحد إلى آخر، يقال: تداولته الأيدي إذا تناقلته ومنه قوله تعالى: {كَى لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأغنياء مِنكُمْ} [الحشر: 7] أي تتداولونها ولا تجعلون للفقراء منها نصيبًا، ويقال: الدنيا دول، أي تنتقل من قوم الى آخرين، ثم عنهم إلى غيرهم، ويقال: دال له الدهر بكذا إذا انتقل اليه، والمعنى أن أيام الدنيا هي دول بين الناس لا يدوم مسارها ولا مضارها، فيوم يحصل فيه السرور له والغم لعدوه، ويوم آخر بالعكس من ذلك، ولا يبقى شيء من أحوالها ولا يستقر أثر من آثارها.
واعلم أنه ليس المراد من هذه المداولة أن الله تعالى تارة ينصر المؤمنين وأخرى ينصر الكافرين وذلك لأن نصرة الله منصب شريف وإعزاز عظيم، فلا يليق بالكافر، بل المراد من هذه المداولة أنه تارة يشدد المحنة على الكفار وأخرى على المؤمنين والفائدة فيه من وجوه: الأول: أنه تعالى لو شدد المحنة على الكفار في جميع الأوقات وأزالها عن المؤمنين في جميع الأوقات لحصل العلم الاضطراري بأن الإيمان حق وما سواه باطل، ولو كان كذلك لبطل التكليف والثواب والعقاب فلهذا المعنى تارة يسلط الله المحنة على أهل الإيمان، وأخرى على أهل الكفر لتكون الشبهات باقية والمكلف يدفعها بواسطة النظر في الدلائل الدالة على صحة الإسلام فيعظم ثوابه عند الله.
والثاني: أن المؤمن قد يقدم على بعض المعاصي، فيكون عند الله تشديد المحنة عليه في الدنيا أدبًا له وأما تشديد المحنة على الكافر فإنه يكون غضبا من الله عليه.
والثالث: وهو أن لذات الدنيا وآلامها غير باقية وأحوالها غير مستمرة، وإنما تحصل السعادات المستمرة في دار الآخرة، ولذلك فإنه تعالى يميت بعد الاحياء، ويسقم بعد الصحة، فاذا حسن ذلك فلم لا يحسن أن يبدل السراء بالضراء، والقدرة بالعجز، وروي أن أبا سفيان صعد الجبل يوم أحد ثم قال: أين ابن أبي كبشة أين ابن أبي قحافة أين ابن الخطاب، فقال عمر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا أبو بكر، وها أنا عمر، فقال أبو سفيان: يوم بيوم والأيام دول والحرب سجال، فقال عمر رضي الله عنه لا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، فقال: إن كان كما تزعمون، فقد خبنا إذن وخسرنا. اهـ.

.قال ابن عاشور:

وقوله: {وتلك الأيام نداولها بين الناس} الواو اعتراضية، والإشارة بتلك إلى ما سيُذكر بعدُ، فالإشارة هنا بمنزلة ضمير الشأن لقصد الاهتمام بالخبر وهذا الخبر مكنّى به عن تعليل للجواب المحذوف المدلول عليه بجملة: {فقد مس القوم قرح مثله}.
و{الأيَّام} يجوز أن تكون جمع يوم مراد به يوم الحرب، كقولهم: يوم بدر ويوم بُعاث ويوم الشَّعْثَمَيْن، ومنه أيّام العرب، ويجوز أن يكون أطلق على الزّمان كقول طرفة:
وما تَنْقُصصِ الأيَّامُ والدهرُ يَنْفَدِ

أي الأزمان. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ} القرح الجرح.
والضم والفتح فيه لغتان عن الكسائي والأخفش؛ مثل عَقْر وعُقْر.
الفراء: هو بالفتح الجُرح، وبالضم ألَمُه.
والمعنى: إن يمسسكم يوم أُحُدٍ قَرْح فقد مَسّ القوم يوم بَدْرٍ قَرْح مثله.
وقرأ محمد بن السَّمَيْقَع {قرح} بفتح القاف والراء على المصدر.
{وَتِلْكَ الأيام نُدَاوِلُهَا بَيْنَ الناس} قيل: هذا في الحرب، تكون مرة للمؤمنين لينصر الله عز وجل دينه، ومرة للكافرين إذا عصى المؤمنون ليبتليَهم ويُمَحِّصَ ذنوبهم؛ فأما إذا لم يَعْصوا فإنّ حزب الله هم الغالبون.
وقيل: {نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النّاسِ} من فَرَح وَغمّ وصحّةِ وسُقْم وغِنًى وفقْرٍ.
والدُّولَةُ الكَرَّة؛ قال الشاعر:
فيومٌ لنا ويومٌ علينا ** ويومٌ نُسَاءُ ويَوْمٌ نُسَرّ

قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الله الذين آمَنُواْ} معناه، وإنما كانت هذه المدَاولَةُ ليُرَى المؤمنُ من المنافق فيُمَيَّز بعضُهم من بعض؛ كما قال: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجمعَانِ فَبِإذْنِ الله وَلِيَعْلَم المُؤْمِنِينَ ولِيَعْلَم الّذينَ نَافَقُوا}.
وقيل: ليعلَم صبر المؤمنين، العلمَ الذي يقع عليه الجزاء كما علمه غَيْبًا قبل أن كَلّفَهم.
وقد تقدّم في البقرة هذا المعنى. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الله الذين ءامَنُواْ}:

.قال الفخر:

الواو في قوله: {وليعلم الله الذين آمنوا} نظائره كثيرة في القرآن، قال تعالى: {وَلِيَكُونَ مِنَ الموقنين} [الأنعام: 75] وقال تعالى: {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: 113] والتقدير: وتلك الأيام نداولها بين الناس ليكون كيت وكيت وليعلم الله، وإنما حذف المعطوف عليه للإيذان بأن المصلحة في هذه المداولة ليست بواحدة، ليسليهم عما جرى، وليعرفهم أن تلك الواقعة وأن شأنهم فيها، فيه من وجوه المصالح ما لو عرفوه لسرهم. اهـ.

.قال السمرقندي:

{وَلِيَعْلَمَ الله الذين ءامَنُواْ} يعني يتبين المؤمن من المنافق أنهم يشكون في دينهم أم لا، لأن المؤمن المخلص يتبين حالُه عند الشدة والبلايا.
وهذا كما روي عن لقمان الحكيم أنه قال لابنه: إن الذهب والفضة يختبران بالنار، والمؤمن يختبر بالبلايا، والاختبار من الله تعالى إظهار ما علم منه من قبل فذلك قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الله الذين ءامَنُواْ} يعني ليبين لهم الله الذي يعلم إيمانه، لأنه يعطى الثواب بما يظهر منه لا بما يعلم منه، وكذلك العقوبة.
أَلاَ ترى أنه عَلِم من إبليس المعصية في المستقبل ثم لم يلعنه ما لم يظهر منه. اهـ.

.قال أبو السعود:

{وَلِيَعْلَمَ الله الذين ءامَنُواْ} إما من باب التمثيلِ أي ليعامِلَكم معاملةَ من يريد أن يَعلمَ المخلِصين الثابتين على الإيمان من غيرهم، أو العلمُ فيه مجازٌ عن التمييز بطريق إطلاقِ اسمِ السببِ على المسبَّب أي ليُميِّزَ الثابتين على الإيمان من غيرهم كما في قوله تعالى: {مَّا كَانَ الله لِيَذَرَ المؤمنين على مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حتى يَمِيزَ الخبيث مِنَ الطيب} أو هو على حقيقته معتبَرٌ من حيث تعلُّقُه بالمعلوم من حيث أنه موجودٌ بالفعل إذ هو الذي يدور عليه فلكُ الجزاءِ لا من حيث أنه موجودٌ بالقوة.
وإطلاقُ الإيمان مع أن المرادَ هو الرسوخُ والإخلاصُ فيه للإيذان بأن اسمَ الإيمان لا ينطلق على غيره، والالتفاتُ إلى الغَيبة بإسناده إلى اسم الذاتِ المستجمِعِ للصفات لتربية المهابةِ والإشعارِ بأن صدورَ كلِّ واحدٍ مما يُذكر بصدد التعليلِ من أفعاله تعالى باعتبار منشإٍ معيّنٍ من صفاته تعالى مغايرٌ لمنشإ الآخَر، والجملةُ علةٌ لما هو فردٌ من أفراد مُطلقِ المداولةِ التي نطقَ بها قوله تعالى: {نُدَاوِلُهَا بَيْنَ الناس}. اهـ.

.قال الفخر:

ظاهر قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الله الذين ءامَنُواْ} مشعر بأنه تعالى إنما فعل تلك المداولة ليكتسب هذا العلم، ومعلوم أن ذلك محال على الله تعالى، ونظير هذه الآية في الإشكال قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجنة وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الذين جاهدوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصابرين} [آل عمران: 142] وقوله: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الذين مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ الله الذين صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ الكاذبين} [العنكبوت: 3] وقوله: {لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أحصى لِمَا لَبِثُواْ أَمَدًا} [الكهف: 12] وقوله: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حتى نَعْلَمَ المجاهدين مِنكُمْ والصابرين} [محمد: 31] وقوله: {إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرسول} [البقرة: 143] وقوله: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [هود: 7، الملك: 2] وقد احتج هشام بن الحكم بظواهر هذه الآيات على أن الله تعالى لا يعلم حدوث الحوادث إلا عند وقوعها، فقال: كل هذه الآيات دالة على أنه تعالى إنما صار عالما بحدوث هذه الأشياء عند حدوثها.
أجاب المتكلمون عنه: بأن الدلائل العقلية دلت على أنه تعالى يعلم الحوادث قبل وقوعها، فثبت أن التغيير في العلم محالا إلا أن اطلاق لفظ العلم على المعلوم والقدرة على المقدور مجاز مشهور، يقال: هذا علم فلان والمراد معلومه، وهذه قدرة فلان والمراد مقدوره، فكل آية يشعر ظاهرها بتجدد العلم، فالمراد تجدد المعلوم. اهـ.